كانت إمبراطورية طرابزون إمبراطورية ملكية، وهي واحدة من ثلاث خلفت الإمبراطورية البيزنطية التي ازدهرت خلال الفترة من القرن الثالث عشر وحتى القرن الخامس عشر، ضمت أراضي الركن الشمالي الغربي الأقصى من الأناضول (بنطس)، وشبه جزيرة القرم الجنوبية. تشكلت الإمبراطورية عام 1204 بعد الحملة الجورجية في تشالديا وبافلونيا، بقيادة ألكسيوس كومنينوس، قبل أسابيع قليلة من نهب القسطنطينية. بعد ذلك أعلن ألكسيوس نفسه إمبراطورًا على طرابزون (حاليًا طرابزون، تركيا). مارس أليكسيوس وديفيد كومنينوس، حفيدا الإمبراطور المخلوع أندرونيكوس الأول كومنينوس، ضغوطًا على الإمبراطور البيزنطي ألكسيوس الخامس دوكاس يزعمان فيها أنهما «أباطرة رومانيون». اعتُبر الأباطرة البيزنطيون الذين تعاقبوا، كما يروى عن المؤلفين البيزنطيين، مثل: جورج باجيمير، نيكيفوروس جريجوراس، وجون لازاروبولوس، وباسيليوس بيساريون، أنهم «أمراء شعب اللاز»، في حين أن ملكية هؤلاء «الأمراء» كانت تسمى أيضًا لازيكا. بعبارة أخرى، كانت دولتهم تعرف باسم إمارة ليزيس، وهكذا، من وجهة نظر الكتاب البيزنطيين المتصلين باللاسكاريس ولاحقًا بالسلالات الباليولوجية، فإن حكام طرابزون لم يكونوا أباطرة.
بعد أن أطاح الصليبيون في الحملة الصليبية الرابعة بأليكسيوس الخامس وأسسوا الإمبراطورية اللاتينية، أصبحت إمبراطورية طرابزون واحدة من ثلاث دول بيزنطية تخلف العرش الإمبراطوري، إلى جانب إمبراطورية نيقية تحت حكم عائلة لاسكاريس، وديسبوتية إبيروس تحت حكم فرع من عائلة أنجيلوس. تسببت الحروب اللاحقة في ظهور إمبراطورية ثيسالونيكي، والحكومة الاستعمارية التي ظهرت من إبيروس، وانهيار في أعقاب النزاعات مع نيقية وبلغاريا، واستعادة إمبراطورية نيقية النهائية للقسطنطينية عام 1261. على الرغم من استعادة إمبراطورية نيقية للقسطنطينية، فقد استمر أباطرة طرابزون بوسم أنفسهم على أنهم «أباطرة رومان» لمدة عقدين من الزمن، واستمروا في الضغط على مطالبتهم بالعرش الإمبراطوري. تخلى إمبراطور طرابزون جون الثاني رسميًا عن مطالب اللقب الامبراطوري الروماني والقسطنطينية نفسها بعد 21 سنة من سيطرة إمبراطورية نيقية على المدينة، ما غير لقبه الإمبراطوري من «إمبراطور وبغاطر الرومان» إلى «إمبراطور و بغاطر كل الشرق، وايبيريا، وبيراتيا».
أفاد المؤرخ البيزنطي تيوفان المعرف، كان الهجوم العربي منهجيًا: في سنة 672-673 أمّن أسطولًا عربيًا قواعد على طول سواحل آسيا الصغرى (الأناضول)، ثم شرع في فرض حصار واسع حول القسطنطينية. استخدموا شبه جزيرة سيزيكوس بالقرب من المدينة كقاعدة لقضاء الشتاء، وعادوا كل ربيع لشن هجمات على تحصينات المدينة. أخيرًا، تمكن البيزنطيون، تحت حكم الإمبراطور قسطنطين الرابع، من تدمير البحرية العربية باستخدام اختراع جديد، وهو المادة الحارقة السائلة المعروفة باسم النار الإغريقية. كما هزم البيزنطيون الجيش العربي البري في آسيا الصغرى، ما أجبرهم على رفع الحصار. كان للنصر البيزنطي أهمية كبرى لبقاء الدولة البيزنطية، حيث انحسر التهديد العربي لبعض الوقت. وُقع على معاهدة سلام بعد فترة وجيزة، وبعد اندلاع حرب أهلية إسلامية أخرى (الفتنة الثانية)، شهد البيزنطيون فترة من الهيمنة على الخلافة.
آيا صوفيا (باليونانيَّة القديمة: Ἁγία Σοφία؛ باللاتينيَّة: Sancta Sophia أو Sancta Sapientia)، أو جامع آيا صوفيا (بالتركية: Ayasofya Camii)، عُرف في العصر العُثماني باسم الجامع الكبير الشريف لآيا صوفيا، (بالتركية العثمانية: آيا صوفيا كبير جامع شريف)، وكان في العصر البيزنطي يُسمى كنيسة آيا صوفيا، التي تعني كنيسة الحكمة الإلهيّة، هو مبنى تاريخي للعبادة، يقع على الضفة الأوروبيَّة في مدينة إسطنبول، أُنشئ في العصر البيزنطي ليكون كاتدرائيةً للبطريركية المسيحية الأرثوذكسية، ثم تحول إلى كاتدرائيةرومانية كاثوليكية، وبعد فتح القسطنطينية تحول إلى مسجد عثماني، وبعد قيام الجمهورية التركية تحول إلى متحف، وأخيرًا أُعلن عن إعادته مسجدًا اعتبارًا من 24 يوليو عام 2020، بعد إصدار حُكم المحكمة الإدارية العليا بتركيا بذلك.
الحملة الصليبية الرابعة (1202–1204) كانت حملة مسيحية لاتينية مسلحة دعا إليها البابا إينوسنت الثالث. كان هدفها المعلَن استعادة مدينة القدس من أيدي المسلمين، من خلال غزو السلطنة الأيوبية المصرية القوية أولًا، إذ كانت أقوى ولاية إسلامية في ذلك الحين. وصلت سلسلة الأحداث السياسية والاقتصادية إلى ذروتها عندما نهب الجيش الصليبي مدينة القسطنطينية (عاصمة الإمبراطورية البيزنطية التي كان يحكمها مسيحيون) في عام 1204، بدلًا من مصر التي كان التغلب عليها هو المخطط الأصلي.
في أواخر 1202 دفعت مشكلات مالية جيش الصليبيين إلى حِصار زارا ونهبها، وهي مدينة كاثوليكية على ساحل البحر الأدرياتيكي الذي كان تحت سيطرة فينيسيّة. عندما علم البابا ذلك، حرم الجيش الصليبي كنيسيًّا. في يناير عام 1203 عاهدت القيادة الصليبية، وهي في طريقها إلى القدس، الأمير البيزنطي ألكسيوس أنجيلوس على تحويل الحملة الصليبية إلى القسطنطينية وإعادة والده المخلوع إسحاق أنجيلوس إلى عرش الإمبراطورية. صار هدف الحملة الصليبية هو الزحف إلى القدس بعد ذلك، مرتكِزة إلى الدعم المالي والعسكري البيزنطي الموعود. في 23 يونيو عام 1203 وصل الجيش الصليبي الرئيس إلى القسطنطينية، في حين واصلت الفِرق الأخرى (التي ربما كانت أغلبية الصليبيين) طريقها إلى عكا.
كان النظام الاقتصادي البيزنطي واحدًا من أقوى الاقتصادات في حوض البحر الأبيض المتوسط لقرون عدة. كانت مدينة القسطنطينية مركزًا جوهريًا لشبكة تجارية امتدت عبر فترات مختلفة لشتميل تقريبًا كلًا من أوراسياوشمال أفريقيا. يزعم بعض الباحثين، أنه وحتى وصول العرب في القرن السابع، كانت الإمبراطورية الرومانية الشرقية صاحبة أقوى اقتصاد في العالم. إلا أن الفتوحات العربية مثلت تراجعًا كبيرًا في الثروات مساهمةً بفترة من الانحدار والركود. كانت إصلاحات قسطنطين الخامس (نحو العام 765) بداية إحياء استمر حتى عام 1204. منذ بداية القرن العاشر وحتى نهاية القرن الثاني عشر، مثلت الإمبراطورية البيزنطية صورة عن الترف، وانبهر المسافرون بالثروة المتركزة بالعاصمة. تغير كل ذلك مع وصول الحملة الصليبية الرابعة، والتي مثلت كارثة اقتصادية. حاول الباليولوغس إنعاش الاقتصاد، ولكن الدولة البيزنطية لم تتمكن من بسط سيطرتها سواء على القوى الاقتصادية الأجنبية أو المحلية.
كانت التجارة أحد الأسس الاقتصادية للإمبراطورية. فرضت الدولة سيطرة صارمة على التجارة الداخلية والدولية، واحتكرت عملية سك العملة. ظلت القسطنطينية المركز التجاري الوحيد الأكثر أهمية لأوروبا طيلة القسم الأعظم من القرون الوسطى، وهي المكانة التي حافظت عليها حتى حتى جمهورية البندقية ببطء بتخطي التجار البيزنطيين في مجال التجارة؛ أولًا من خلال الإعفاء الضريبي في عهد سلالة الكومنينيون، ثم في ظل الإمبراطورية اللاتينية.
في الفترة الكلاسيكية من تاريخ اليونان عرفت شبه جزيرة كالسيديس بأكتي Ακτή، اليوم تعرف المنطقة سياسيا بولاية الجبل المقدس النسكية المستقلة ذاتياً. يخضع الجبل روحيا لسلطة بطريرك القسطنطينية المسكوني.
ومعنى كلمة أرثوذكسية (باليونانيَّة: Ορθοδοξία) الرأي القويم، أو الإيمان المستقيم. الكنائس الأرثوذكسية التقليدية هي الكنائس الشرقية، منها البيزنطية (أي الرومية التي تسمى أيضًا باليونانية) والسلافية، وقد تم انشقاق الكنيسة بين الغرب (الكرسي الرسولي والمسماة اليوم الرومانية الكاثوليكية) وبين الشرق (الرومية، البيزنطية، والمسماة أيضًا اليوم الرومية الأرثوذكسية). وقد استفحل هذا الانشقاق في أيام ميخائيل كيرولارس بطريرك القسطنطينية عام 1054، لأسباب سياسية أكثر منها عقائدية. ومن المعلوم أن المراجع القديمة بما فيها العربية كانت تسمي رومان القسم الشرقي من الإمبراطورية الرومانية روم تميزاً لهم عن رومان القسم الغربي من الإمبراطورية، في حين سمّأهم الغربيون منذ القرن التاسع «اليونانيين».
حُكمت الإمبراطورية البيزنطية من قبل أباطرة سلالة هرقل بين 610 و 711. ترأس الهرقليون على فترة من الأحداث الكارثية التي كانت نقطة تحول في تاريخ الإمبراطورية والعالم بشكل عام.
حُكِمت الإمبراطورية البيزنطية من قبل أباطرة من سلالة هرقل بين عامي 610-711. ترأس الهرقليون على مدى فترة من أحداث كارثية كانت نقطة تحول في تاريخ الإمبراطورية والعالم بوجه عام.
الحصار الإسلامي الثاني للقسطنطينية في 717-718 (98-100)هـ) كان الهجوم برا وبحرا جنبا إلى جنب من قبل المسلمين من الدولة الأموية ضد عاصمة الإمبراطورية البيزنطية، القسطنطينية. وتمثل هذه الحملة تتويجا لعشرين عاما من الفتوحات الإسلامية للأراضي الحدودية البيزنطية، في حين كانت قوة الدولة البيزنطية قد أنهكت بسبب الاضطراب الداخلي الذي طال أمده. في 716، بعد سنوات من التحضير، فإن المسلمين، بقيادة مسلمة بن عبد الملك، قاموا بغزو آسيا الصغرى البيزنطية.كان المسلمون يأملون في البداية إستغلال الحرب الأهلية البيزنطية وجعلها قضية مشتركة مع القائد ليو الثالث الإيساوري، الذي كان قد ثار ضد الإمبراطور ثيودوسيوس الثالث، ليو مع ذلك، قد غرر بهم وقام بتأمين العرش البيزنطي لنفسه. بعد فصل الشتاء في الأراضي الساحلية الغربية من آسيا الصغرى، عبر الجيش الإسلامي إلى تراقيا في أوائل الصيف 717 وفرض حصارا للمدينة، التي كانت محمية من قبل أسوار القسطنطينية الضخمة، الأسطول العربي الذي رافق القوات البرية وكان من المفترض أن يكمل الحصار على المدينة عن طريق البحر، وقامت البحرية البيزنطية بتحييده بعد وقت قصير من وصوله باستخدام سلاح النار الاغريقية. وهذا ما سمح للقسطنطينية أن تتلقى الامدادات عن طريق البحر، في حين كان الجيش الإسلامي قد تمت إعاقته من جراء المجاعةوالمرض خلال فصل شتاء صعب على غير العادة التي أعقبت ذلك. في ربيع 718، تم تدمير اثنين من الأساطيل الإسلامية التي ارسلت كتعزيزات من قبل البيزنطيين بعد أن انشقت طواقمها المسيحية، وأرسل جيشا إضافيا برا عن طريق آسيا الصغرى ولكنه تعرض لكمين وهزم. بالإضافة إلى هجمات من قبل البلغار في العمق، حيث أجبر المسلمين علي رفع الحصار في 15 أغسطس 718. وفي رحلة عودتها كان الأسطول العربي قد دمر بالكامل تقريبا من جراء الكوارث الطبيعية والهجمات البيزنطية.
فشل الحصار كان له تداعيات واسعة النطاق. إنقاذ القسطنطينية كان ضمان لاستمرار بقاء بيزنطة، في حين تم تغيير النظرة الاستراتيجية للخلافة: على الرغم من أن هجمات منتظمة على الأراضي البيزنطية تواصلت، تم التخلي عن الهدف من الغزو السافر. ويعتبر المؤرخون الحصار هو واحدا من أهم المعارك في التاريخ، كما أرجأ فشله تقدم المسلمين إلى جنوب شرق أوروبا لعدة قرون.
إسحاق هو نجل الجنرال مانويل إروتيكوس كومنينوس، وتيتم في سن مبكرة، ثم نشأ تحت رعاية الإمبراطور باسيل الثاني. أثبت جدارته كقائد عسكري ناجح، وشغل منصب القائد العام للجيوش الشرقية بين عامي 1042 و1054. ترأس في عام 1057 تآمرًا لمجموعة من الجنرالات الشرقيين غير الراضين ضد المتوج حديثًا ميخائيل السادس برينغاس.
غريغوريوس النزينزي (وُلد في حوالي عام 329 – وتُوفيَّ في 25 يناير عام 389 أو 390) (ومعروف أيضًا باسم غريغوريوس اللاهوتي أو غريغوريوس نازيانزوس؛ (باليونانية: Γρηγόριος ὁ Ναζιανζηνός)) من مواليد القرن الرابع الميلادي وكان رئيس أساقفة القسطنطينية. ويُعتبر غريغوريوس أكثر اللاهوتيين براعةً إلى حدٍ بعيد في أسلوبه البلاغي في العصر الآبائي.:xxi وحيث إنَّه خطيب تم تدريبه على نحو كلاسيكي وأيضًا فيلسوف، فقد أدخل مفهوم الهلينية ذات الولاء للفكر الإغريقي إلى كنيسة المسيحية الأولى، وبذلك وضع نموذجًا للبيزنطيين اللاهوتيين والمسؤولين في الكنيسة.:xxiv وكان له تأثير مهم وواضح على صورة الثالوثية اللاهوتية بين اللاهوتيين الذين يتحدثون كلاً من اللغتين اليونانية وأيضًا اللاتينية، كما أن الناس يتذكرونه بلقب «اللاهوتي الثالوثي». وعلاوةً على ذلك، فإن معظم أعماله اللاهوتية ما زالت تؤثر على اللاهوتيين في العصر الحديث، وخاصةً فيما يتعلق بالعلاقة بين الأقانيم الثلاثة في الثالوث. وبالإضافة إلى الأخوين القديس باسيليوس الكبير والقديس غريغوريوس النيصي، فإنه يُعرف بأنه أحد الآباء الكابادوكيين.
قسطنطين الخامس (بالإنجليزية: Constantine V)، (باليونانية: Κωνσταντῖνος Ε΄, Kōnstantinos V)، هو إمبراطور بيزنطي حكم خلال الفترة الممتدة من عام 741 حتى عام 775. شهد عهده توطيد الوضع الأمني في بيزنطة في وجه التهديدات الخارجية. استفاد قسطنطين من الحرب الأهلية التي دارت رحاها في العالم الإسلامي من أجل شن هجمات محدودة على الجبهة العربية وذلك بحكم كونه قائدًا عسكريًا متمكنًا. كذلك بادر قسطنطين إلى شن حملات عسكرية متكررة على البلغار في البلقان بعد تأمينه الجبهة الشرقية. لعب نشاطه العسكري وسياسته الرامية إلى توطين السكان المسيحيين من الجبهة العربية في تراقيا دورًا في إحكام قبضة بيزنطة على أقاليمها في البلقان.
كانت الفتنة واللغو الديني من السمات البارزة التي ميزت عهده. إذ أدى دعمه الشديد لتحطيم الأيقونات ومعارضته للرهبانية إلى ذم المؤرخين والكتاب البيزنطيين اللاحقين لشخصه ووصل بهم الأمر أن لقبوه بـ«صاحب الاسم الملطخ بالروث».
أليكسيوس الخامس دوكاس (1140 – ديسمبر 1204) هو إمبراطور بيزنطي، حكم في الفترة الممتدة بين 5 فبراير و12 أبريل 1204، قبيل حصار القسطنطينية على يد المشاركين في الحملة الصليبية الرابعة. اسم عائلته هو دوكاس، ولكنه عُرِف أيضًا بكنية مورتزوفلوس، في إشارة إلى كثافة حاجبيه المتدليين أو شخصيته المتجهمة الكئيبة. تمكن من الوصول إلى السلطة بتدبير انقلاب في قلعة الحاكم السابق وقتله أثناء العملية. على الرغم من أنه بذل محاولات قوية لحماية القسطنطينية من الجيش الصليبي، فقد أثبتت جهوده العسكرية عدم جدواها. حظيت أفعاله بتأييد جماهير الشعب، بيد نفور أهل النخبة في المدينة منه. في أعقاب سقوط المدينة وحصارها واحتلالها، تسبب إمبراطور سابق بعمى أليكسيوس الخامس وأُعدم لاحقًا بموجب النظام اللاتيني الجديد. كان آخر إمبراطور بيزنطي حكم القسطنطينية حتى إعادة الاستيلاء البيزنطي على القسطنطينية في عام 1261.
هرقل، واسمه الكامل فلافيوس أغسطس هرقل (باللاتينية: Flavius Heraclius Augustus؛ باليونانية: Φλάβιος Ἡράκλειος؛ 575 - 11 فبراير 641)، هو إمبراطور الإمبراطورية البيزنطية، بدأ صعوده إلى السلطة عام 608، قاد ثورة ناجحة ضد الإمبراطور فوقاس، الذي تسلّم السلطة بعد خلع الإمبراطور موريس، ودون شعبية تذكر في ظل القلاقل التي عانت منها الإمبراطورية. كان والد هرقل، وهو هرقل الأكبر، قائدًا عسكريًا ناجحًا شارك في حروب الإمبراطور موريس، وعينه المذكور في أعقاب الحرب نائبًا إمبراطوريًا على إكسرخسية إفريقية ومقر حكمه في قرطاج حيث قضى هرقل الشطر الأول من حياته، وبكل الأحوال تشير المصادر التاريخية المتوافرة لكون هرقل من أصول أرمنية في كبادوكية؛ أيضًا يعتبر هرقل مؤسس السلالة الهراقلية التي استمرت بحكم الإمبراطورية البيزنطية حتى عام 711.
شهد عهد هرقل العديد من الحملات العسكرية، ففي العام الذي توّج فيه هرقل، كان جيش الإمبراطورية الساسانية قد بلغ قلب الإمبراطورية البيزنطية في الأناضول، ولذلك كان هرقل المسؤول الأول عن إصلاح سياسة الدولة، وتعبئة الجيش، ومن ثم محاربة الفرس الساسانيين؛ انتهت الجولة الأولى من المعارك بهزيمة الدولة البيزنطية، واقترب الجيش الفارسي من مضيق البوسفور، ولأن القسطنطينية كانت محمية بشكل جيد، بحيث لا يمكن اختراقها بسهولة من قبل المحاصرين، استطاع هرقل تجنب الهزيمة الكاملة. بعد أن عقد هرقل سلامًا مع الفرس مقابل ضريبة سنوية كبيرة، بدأت إصلاحاته العسكرية والمدنيّة، التي أطلق هرقل في أعقابها حملته العسكرية المضادة في آسيا الصغرىوأرمينيا، متوغلاً في أراضي الدولة الساسانية، ومحرزًا نصرًا نهائيًا عليها في معركة نينوى عام 627، والتي مهدت لعقد السلام عام 629 بعد أن أطيح بالملك الفارسي كسرى الثاني، ونصّت معاهدة السلام لعام 629 على العودة إلى حدود ما قبل الحرب عام 602. بكل الأحوال، فقد واجه هرقل الهزيمة بعد فترة قصيرة من انتصاره على الفرس، هذه المرة من قبل الخلافة الراشدة التي تمكنت من طرد الحكم البيزنطي من سوريا، ومصر، وليبيا، ومناطق أخرى.
بروكوبيوس القيسراني (500 - 560 للميلاد) كان عالماً بارزاً من الزمن القديم من فلسطين الأولى. وقد أصبح المؤرخ الأول للقرن السادس للميلاد بمرافقته لقائد الجيش الروماني بيليساريوس في حروب الإمبراطور جستنيان، واضعاً كتبه «حروب جستنيان»، و «بنايات جستنيان» و«التاريخ السري» المحتفى به. ويعتبر بشكل شائع آخر المؤرخين الرئيسيين للعالم الغربي القديم.
يوحنا ذهبي الفم أو يوحنا فم الذهب (باليونانية: Ἰωάννης ὁ Χρυσόστομος) يوانوس خريسوستوموس، (347–407 م )، كان بطريرك القسطنطينية واشتهر كقديسولاهوتي. عُرف باليونانية بـ «ذهبي الفم» لفصاحته، إذ كان تلميذ معلم البلاغة الشهير ليبانيوس. ويُعتبر يوحنا ذهبي الفم أنطاكي الأصل قديسًا لدى جميع الطوائف المسيحية وتعتبره الكنيسة الرومانية الكاثوليكية أحد ملافنتها الكبار. يعني لقب Χρυσόστομος (كريسيستوموس، يُسمى بالإنجليزية Chrysostom، كريسوستوم) «ذهبي الفم» باللغة اليونانية ويشير إلى بلاغته المشهورة. كان ذهبي الفم من أكثر المؤلفين إنتاجًا في الكنيسة المسيحية المبكرة، ولم يفوقه سوى أوغسطينوس من هيبو في كمية كتاباته الباقية.
يُكرم كقديس في الكنائس الأرثوذكسية المشرقية، والأرثوذكسية الشرقية، والكاثوليكية، والأنجليكية واللوثرية، وفي بعض الكنائس الأخرى أيضًا. يمنحه الأرثوذكس الشرقيون، بالإضافة إلى الكاثوليك البيزنطيين، اهتمامًا خاصًا باعتباره أحد الرؤساء الثلاثة المقدسين إلى جانب باسيليوس الكبيروغريغوريوس النزينزي. يُحتفل بيوحنا ذهبي الفم في الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية يومي 13 نوفمبر و 27 يناير. يُعترف به كملفان الكنيسة في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. احتفل به التقويم الروماني العام منذ عام 1970 في 13 سبتمبر، وهو اليوم السابق لعيد تمجيد الصليب المقدس (14 سبتمبر)، لأن تاريخ وفاته يوافق عيد تمجيد الصليب؛ احتُفل به في 27 يناير منذ القرن الثالث عشر وحتى عام 1969، وهي الذكرى السنوية لنقل جسده إلى القسطنطينية. في الكنائس الغربية الأخرى، بما في ذلك المقاطعات الأنجليكانية والكنائس اللوثرية، يحتفل به البعض في 13 سبتمبر، ويحتفل البعض الآخر في 27 يناير. تعترف به الكنيسة القبطية أيضًا كقديس (وتحتفل به في 16 توت و17 هاتور).