الأسر البابلي

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الأسر البابلي

سبي بابل أو النفي البابلي هي فترة في التاريخ اليهودي أُسر فيها عدد كبير من اليهود من مملكة يهوذا القديمة في بابل، عاصمة الإمبراطورية البابلية الحديثة، وذلك بعد هزيمتهم في الحرب اليهودية البابلية وتدمير هيكل سليمان في أورشليم، وقد وُصِفت هذه الحادثة في الكتاب المقدس اليهودي فضلا عن آثار ومصادر خارج الكتاب المقدس.

بعد معركة كركميش عام 605 قبل الميلاد، فرض ملك بابل نبوخذ نصر الثاني حصارًا على أورشليم مما اضطر ملك يهوذا يهوياقيم للقبول بدفع الجزية.[1] وفي السنة الرابعة من حكم نبوخذ نصر الثاني، رفض يهوياقيم دفع المزيد من الجزية، مما أدى إلى حصار آخر للمدينة في السنة السابعة لحكم نبوخذ نصر الثاني (598/597 قبل الميلاد) والذي انتهى بموت يهوياقيم ونفي خليفته يكنيا وبلاطه وكثيرين آخرين إلى بابل. نُفي خليفة يكنيا صدقيا وآخرون عندما دمر نبوخذ نصر الثاني أورشليم في سنته الثامنة عشرة (587 قبل الميلاد)، وحدث ترحيل آخر في السنة الثالثة والعشرين لنبوخذ نصر الثاني (582 قبل الميلاد). ومع ذلك، تختلف التواريخ وعدد مرات الترحيل وعدد المنفيين في الروايات التوراتية المختلفة.[2][3]

بعد سقوط الإمبراطورية البابلية الحديثة أمام الإمبراطورية الأخمينية ومؤسسها قورش الكبير في معركة أوبيس عام 539 قبل الميلاد سمح الفرس لليهود المنفيين بالعودة إلى يهوذا[4][5] ، ووفقًا لـسفر عزرا بدأ بناء الهيكل الثاني في أورشليم عام 537 قبل الميلاد تقريبًا في المقاطعة الفارسية الجديدة يهود ميدينات.

تعتبر جميع هذه الأحداث مهمة لتاريخ وثقافة الشعب اليهودي، وكان لها في نهاية المطاف تأثير كبير على تطور اليهودية.

كشفت الدراسات الأثرية أنه على الرغم من تدمير مدينة أورشليم بالكامل، إلا أن أجزاء أخرى من مملكة يهوذا استمرت في الوجود خلال فترة النفي، ولم يرجع معظم المنفيين إلى وطنهم، بل سافروا غربًا وشمالًا، واستقر الكثيرون فيما يعرف الآن شمال إسرائيل ولبنان وسوريا. ويُعتقد أن الجاليات اليهودية العراقية واليهودية الفارسية واليهودية الجورجية واليهودية البخارية تنحدر - بنسبة كبيرة - من هؤلاء المنفيين؛ هاجرت هذه الطوائف الآن بأعداد كبيرة إلى إسرائيل.[6][7]

إن فكرة السبي البابلي لليهود ظلت مجالًا للبحث والتمعن من قبل الباحثين اليهود وغيرهم حيث شكلت عقيدة الشتات جوهر الشخصية اليهودية عبر عصورها وبالنسبة لشتات اليهود الأول بدأ بعد انقسام المملكة الموحدة بزعامة سليمان إلى مملكتين، إحداهما الشمالية وعاصمتها السامرة والأخرى الجنوبية وعاصمتها أورشليم.[8]

العودة إلى فلسطين

تروي المصادر التاريخية وجود صراع سياسي وعسكري كبير بين الإمبراطورية الآشورية والمصرية على مناطق النفوذ والسيطرة وكان محور النزاع بلاد الشام وخاصة فلسطين، في تلك الأثناء ساند يهود المملكة الشمالية التي كانت اسمها مملكة إسرائيل الجانب المصري مما أثار حفيظة سنحاريب ملك آشور الذي صمم على إخضاع تلك المنطقة فقام بحملة على المملكة الشمالية في عام 697 ق م، فحطم صرحها وشرد أهلها وأعمل القتل والسبي في أهلها، وأخذهم سبياً إلى آشور وانتهى بذلك ذكر المملكة الشمالية، وبقيت المملكة الجنوبية يهوذا ردحا من الزمن وثم حاول الآشوريين اسقاط مملكة يهوذا أيضا بسبب عدم قبولهم دفع الجزية إلى ملك اشور ويقول الكتاب المقدس بعد ان شتم الملك سنحاريب اله مدينة أورشليم أرسل الله الملاك فقتل 850 الف من الجيش الاشوري فعادوا أدراجهم ولم يحاولوا إسقاط مملكة يهودية وبعد سقوط مملكة آشور تصارعت البابليون والمصريين لكن البابليين تمكنوا من هزيمة المصريين فتمكنوا من إخضاع تلك المنطقة بالكامل فحاصر نبوخذ نصر مدينة أورشليم في عام 586 ق م ودمر صرحها وسبى عددا كبيرا من اليهود ومع هذا السبي انتهى أي وضع سياسي جغرافي لليهود في المنطقة وقد تمت العودة لليهود إلي أرض فلسطين مرة أخرى بعد سقوط الأمبراطورية البابلية الثانية على يد قورش الأكبر حاكم فارس في ذلك الوقت، والذي سمح لليهود بالعودة إلي أرض فلسطين مرة أخرى. ويعد بعض المؤرخين هذا بأنه وعد بلفور الأول وهو الأمر الذي استمد منه بلفور وعده لليهود.

بعد ضعف الآشوريين ذهب البابليون من ناحية والمصريون من ناحية أخرى يتنازعون على سيادة أورشليم. في هذا الوقت أخذ نبي الله إرميا ينصح بني إسرائيل بالتوبة والعودة إلى الحق، فلم يعبؤوا به، فأخبرهم أن الله سيسلط عليهم أعداءهم البابليون وحذرهم من مقاومتهم، لأنهم لن يستطيعوا رد عذاب الله، فاتهمه بنو إسرائيل بأنه يمالئ البابليون. وبالفعل غزا البابليون الكلدانيين أورشليم واستطاعوا أن يستولوا عليها، فذاق أهلها الجوع والمرض. وقام الملك الكلداني نبوخذ نصر بنهب المدينة ودك سورها ودمر الصرح الذي بناه سليمان وسبى شعبها إلى بابل فيما يسمى بالسبي البابلي فقتل منهم من قتل واستعبد من لم يقتل وهكذا سقطت مملكة يهوذا وأصبحت كلمة بابل هي العليا في أورشليم التي كان يسميها الآشوريين (أور-سالم) وأصبحت البلاد كلها مستعمرة بابلية تدفع الضرائب لبابل وتتكاتب معها هي اللغة الرسمية حتى جاء الغزو الفارسي. قال الطبري وغيره: أن إرميا بن حزقيا كان من أنبياء بني إسرائيل ومن سبط لاوي، في عهد صدقيا آخر ملوك بني يهوذا ببيت المقدس. ولما توغل بنو إسرائيل في الكفر والعصيان أنذرهم بالهلاك على يد بختنصر، وكان فيما يقوله إرميا: «أنهم يرجعون إلى بيت المقدس بعد سبعين سنة. يملك فيها بختنصر وابنه وابن ابنه ويهلكون، وإذا فرغت مملكة البابليين بعد السبعين يفتقدكم». يخاطب بذلك بني إسرائيل في نص أخر له عند كمال سبعين لخراب المقدس. وكان أشعيا بن أمصيا من أنبيائهم أخبرهم بأنهم يرجعون إلى بيت المقدس على يد كورش من ملوك الفرس، الذي لم يكن موجودا في ذلك العهد.

المراجع

  1. ^ Taylor، Glen A. (31 ديسمبر 2010). "Review of Coogan, Michael D., A Brief Introduction to the Old Testament: The Hebrew Bible in its Context (Oxford and New York: Oxford University Press, 2009)". The Journal of Hebrew Scriptures. ج. 10. DOI:10.5508/jhs.2010.v10.r9. ISSN:1203-1542. مؤرشف من الأصل في 2017-12-12.
  2. ^ Moore، Megan Bishop؛ Kelle، Brad E. (2011). Biblical history and Israel's past: the changing study of the Bible and history. Grand Rapids, Mich.: William B. Eerdmans Pub. Company. ISBN:978-0-8028-6260-0.
  3. ^ Dunn، James D. G.؛ Rogerson، J. W.، المحررون (2003). Eerdmans commentary on the Bible. Grand Rapids, Mich.: Eerdmans. ISBN:978-0-8028-3711-0.
  4. ^ Stökl، Jonathan؛ Waerzeggers، Caroline، المحررون (14 أغسطس 2015). "Exile and Return". DOI:10.1515/9783110419283. مؤرشف من الأصل في 2022-10-15. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الاستشهاد بدورية محكمة يطلب |دورية محكمة= (مساعدة)
  5. ^ Friedman، Mark (31 ديسمبر 1988). "Encyclopaedia Judaica Year Book, 1983-1985, ed. by Geoffrey Wigoder". Judaica Librarianship. ج. 4 ع. 1: 27–28. DOI:10.14263/4/1988/1023. ISSN:2330-2976. مؤرشف من الأصل في 2023-12-07.
  6. ^ Lang، David Marshall (28 أكتوبر 2021). St. Nino and the Conversion of Georgia. London: Routledge. ص. 13–39. مؤرشف من الأصل في 2022-09-12.
  7. ^ DEKEL، MIKHAL (16 يناير 2023). Between Hostility and Intimacy:. The Littman Library of Jewish Civilization. ص. 235–248. ISBN:978-1-80085-802-2. مؤرشف من الأصل في 2023-12-07.
  8. ^ https://web.archive.org/web/20171012073546/http://archive.is/H7gW6