قلعة الكرك

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
قلعة الكرك

قلعة الكرك هي إحدى أكبر وأهم قلاع الأردن، تبلغ مساحتها 25,300 متر مربع وترتفع عن سطح البحر قرابة 1000 متر.[1] يعود تاريخ إنشائها إلى عصر المؤابيين، وقد استخدمها الأنباط بدليل وجود تماثيل نبطية منقوشة في الأسس الأولى بالقلعة، وظلت في العصر البيزنطي درعاً واقياً للأردن حيث أشارت إليها خريطة مادبا الفسيفسائية بين مجموعة قلاع هذه المنطقة. وفي الفتوحات الإسلامية طرقتها جيوش المسلمين بقيادة أبي عبيده عامر بن الجراح فاستسلمت له. وظلت قلعة الكرك تؤدي دورها الدفاعي في العصر الإسلامي لأن المسلمين اهتموا بالقلاع القديمة وعملوا على تقويتها والإضافة إليها بالزيادة والبنيان، وعندما أسس الصليبيون مملكة بيت المقدس اللاتينية سنة ( 492هـ 1099م) احتلوا منطقة جنوب الأردن في سنتي (509 و510هـ 1115 و1116م) وأسسوا بارونية الكرك والشوبك.

وفي سنة (537هـ 1142م) استولى الصليبيون على حصن الكرك وأمر الحاكم بابان لوبوتييّه بتش على يد فولك أمير بيت المقدس تشييد وتعزيز هذا الحصن، لحماية الجهة الجنوبيَّة من المملكة وتأمين الطريق بين دمشق ومصر أثناء الحروب الصليبية، وقد كانت من الحصانة والقوَّة بحيث حلَّت مكان قلعة الشوبك التي بُنيت جنوباً قبلها بثلاثين عاماً. ضرب صلاح الدين الأيوبي على القلعة حصاراً شديداً لفترة من الزَّمن، ثم تمكَّن من انتزاعها في أعقاب معركة حطين. انتقل حُكم القلعة لاحقاً إلى المماليك ثم العثمانيين، ولم يكن لها دورٌ تاريخيٌّ كبير بعد الحروب الصليبية حتى الثورة العربية الكبرى، التي لعبت فيها دوراً بالتحكُّم بطرق المواصلات بين الحجاز والشام ومصر.

التسمية

إطلالة من أحد الأبراج.

كانت تسمى قديما ب kir hareseth أو kir hares أو kir moab وكلمة كير تعني المدينة لكنها فقط إذا التقت مع كلمة مؤاب فهي تعني القلعة، وكانت من أهم مدن مملكة مؤاب سواء قبل أو بعد حكم الملك ميشع المؤابي، وبقي اسمها كير مؤاب حتى الحملات الصليبية (1096 - 1291)، خلال هذه الفترة غير الصليبيين اسم كير مؤاب إلى crac des moabites وهي باللغة الفرنسية وتعني قلعة المؤابيين وهي كما يبدو ترجمة ل اسمها كير مؤاب ومن ثم kerak من crac أو krak وهي كلمة فرنسية تعني القلعة وهو الاسم الحالي للمدينة.

التاريخ

من آثار القلعة.

يعود تاريخ إنشاء أساسات قلعة الكرك إلى عصر المؤابيين نحو عام 860 ق م. وقد استخدمها الأنباط بدليل وجود تماثيل نبطية منقوشة في الأسس الأولى بالقلعة. وظلت في العصر الروماني ومن ثمَّ البيزنطي درعًا واقيًا للأردن، حيث أشارت إليها خريطة مادبا الفسيفسائية بين مجموعة قلاع هذه المنطقة. وفي الفتوحات الإسلامية طرقتها جيوش المسلمين بقيادة أبي عبيدة بن الجراح فاستسلمت له. وظلَّت قلعة الكرك تؤدي دورها الدفاعي في العصر الإسلامي، لأن المسلمين اهتموا بالقلاع القديمة وعملوا على تقويتها والإضافة إليها بالزيادة والبنيان. وقد كانت قلعة الكرك إقطاعًا للقائد الفاطمي بلتكين التركي سنة (372هـ 982م).

أحد الممرات الموجودة في قلعة كرك

عندما أسس الصليبيون مملكة بيت المقدس اللاتينية سنة (492هـ 1099م) احتلوا منطقة جنوب الأردن في سنتي (509 و510هـ 1115 و1116م) وأسسوا بارونية الكرك والشوبك. وفي سنة(537هـ 1142م) استولى الصليبيون على حصن الكرك وزادوا عليها حتى أصبحت مركزًا لبارونية الكرك والشوبك، ومن أهم قلاع الصليبين في بلاد الشام.[2] لعبت قلعة الكرك دوراً مُهمًّا في العصر الصليبي بالتحكُّم بطرق المواصلات في إقليم الأردن بين الشام من جهة والحجاز ومصر من جهة أخرى، إذ كثيراً ما تعرَّضت حاميتها للقوافل التجارية وركب الحُجَّاج المتوجهة إلى مكة في الجنوب وأغارت على الموانئ العربيَّة على سواحل البحر الأحمر.[3] حتى أن ابن فضل الله العمري وصفها بأنَّها كانت كالهامة بالنسبة إلى بلاد الحجاز. كانت هذه الهجمات المُتكرِّرة سبباً من الأسباب التي دفعت صلاح الدين الأيوبي إلى جمع جيوشه والسَّير نحو الشام لقتال الصليبيِّين سنة 1178م الموافقة لـ583 هـ.[2]

بعد اندثار الدولة الأيوبية آلت سُلطة قلعة الكرك إلى سلاطين المماليك، الذين طَوَّروها بتشييد عدد منن الأبراج والتحصينات الإضافية فيها، وقد رمَّمها الظاهر بيبرس بعد أن وقعت في يده سنة 1263م.[3] وقعت في قلعة الكرك عمليات إعدام واسعةً للمواطنين الثائرين على السلطة العثمانية في عام 1910، حيث كان الجنود العثمانيون يطلقون النيران على الثوار من فوق أسوار القلعة وأبراجها العالية.

الفترة العثمانية

خلال فترة الدولة العثمانية لعبت القلعة دورًا مهمًا نظرًا لموقعها الاستراتيجي على مفترق الطرق بين شبه الجزيرة العربية ومصر وسوريا الكبرى.

حاصر أحد زعماء ثورة الفلاحين (حصار الكرك) في فلسطين قلعة الكرك مرة أخرى عام 1834. في عام 1840 ، استولى الوالي المصري إبراهيم باشا على القلعة ودمر الكثير من تحصيناتها الدفاعية. عام 1844، تعرضت قواته ، التي لم تكن تسيطر على المناطق الريفية المحيطة ، للحصار. تم تجويعهم في النهاية وقتل الكثير منهم.[4]

عام 1893 أعادت السلطات العثمانية السيطرة على المنطقة من خلال تعيين متصرف (أي حاكم) مقيم في قلعة الكرك مع حامية من 1400، بما في ذلك 200 من فارس من قوة الفرسان. تم إعادة استخدام أجزاء من القلعة. بعض الدمار الذي حدث للبناء والذي كان بسبب قيام السكان المحليين بإزالة الأحجار التي تحتوي على نترات البوتاسيوم ("الملح الصخري") ، والتي تستخدم في صنع البارود.[5]

درس مؤرخ العصور الوسطى بول ديشامب القلاع الصليبية في عشرينيات القرن الماضي. من بين الأبحاث المهمة التي قام بها ديشان في عام 1929 قام هو والمهندس المعماري فرانسوا أنوس بوضع أول مخططات دقيقة للقلعة.[6]

أوصاف الرحَّالة

القلعة من بعيد
من مقتنيات القلعة، مدفع هاوتزر بريطاني من عيار 5 إنشات.
مشهد ليلي للقلعة

قال ابن بطوطة (محمد بن عبد الله 1303-1377م) عن قلعة الكرك، في كتابه تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار:

«ثم يرحلون إلى حصن الكرك. وهو أعجب الحصون وامنعها واشهرها. ويسمى بحصن الغراب. والوادي يطيف به من جميع جهاته وله باب واحد قد نحت المدخل إليه في الحجر الصلد. ومدخل دهليزه كذلك. وبهذا الحصن يتحصن الملوك، واليه يلجأون في النوائب وله لجأ الملك الناصر. لأنه ولي الملك وهو صغير السن. فاستولى على التدبير مملوكه سلار النائب عنه. فأظهر الملك الناصر أنه يريد الحج. ووافقه الأمراء على ذلك. فتوجه إلى الحج. فلما وصل إلى عقبة أيلة، لجأ إلى الحصن وأقام فيه أيامًا ألى أن قصده أمراء الشام. واجتمعت عليه المماليك وكان قد ولي الملك في تلك المدة بيبرس الجاشنكير وهو أمير الطعام وتسمى بالملك المظفر. وهو الذي بنى الخانقاه البيبرسية بمقربة من خانقاه سعيد السعداء التي بناها صلاح الدين الأيوبي. فقصده الملك الناصر بالعساكر. ففر بيبرس إلى الصحراء. فتبعه العساكر فقبض عليه، فأتى به إلى الملك الناصر فأمر بقتله، فقتل. وقبض على سلار وحبس في جب حتى مات جوعًا. ويقال أنه أكل جيفة من الجوع. نعوذ بالله من ذلك." والقلعة ما زالت غامضة من الداخل ففيها سراديب لم تكتشف إلى الآن.»

البناء والعمارة

المصطبة السفليَّة وإطلالة مدينة الكرك.

أقيمت القلعة على الجانب الجنوبي من الهضبة المُثلَّثة التي تقع فوقها مدينة الكرك، والتي ترتفع عن مستوى سطح البحر حوالي 900 متر.[3] يبلغ طول القلعة 220 متراً، وأما عرضها فيتراوح من 125م في جانبها الشمالي إلى 40م في جانبها الجنوبي، إذ تطلُّ من تلك الجهة على وادي تجري فيه قناة مياه. تقع تحت أرض القلعة ممرَّات تقودُ إلى غرفٍ حصينة. تشير سجلات المؤرخين مثل المقريزي والداواداري إلى أنَّ بناء القلعة كان قائماً قبل بدء الحملات الصليبية، لكنَّهم رممومها ووسَّعوها عند مجيئهم. تقع إلى الجنوب من القلعة أضرحة لعدد من الصحابة، منهم جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة استشهدوا في معركة مؤتة.[7]

الرسم البياني للحصن: * 1. بوابة العثمانية. * 2. البوابة الصليبية. * 3. الخندق. * 4. خزان مياه الآبار. * 5. المنحدر. * 6. مصلى. * 7. القصر الملكي. * 8. المتحف.

المتحف

حُوِّلت القلعة إلى متحف أثري منذ عام 1980. يعرض المتحف آثار المسلمين في الفترة المملوكية والعثمانية، ويوجد به قسمٌ يغطي فترات العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي والعصر الحديدي. وتضم مجموعة من قطع أثرية نبطية ورومانية وبيزنطية وصليبية. وقد أعيد فتح المتحف أمام الجمهور في شهر يناير 2004، حيث لا زال متاحاً للعامة منذ ذلك الحين لكنه مغلق بالفترة الرهانه لأمور تتعلق بسلامة العمارة والبنيان.

معرض الصور

طالع أيضاً

المراجع

  1. ^ ""قلعة الكرك" بالأردن.. حصن تأمين بين بلاد الشام ومصر في العصر الأيوبى". اليوم السابع. مؤرشف من الأصل في 2023-09-20. اطلع عليه بتاريخ 2023-11-27.
  2. ^ أ ب كتاب التاريخ الحضاري لشرقي الأردن في العصر المملوكي، تأليف يوسف درويش غوانمة. طبعة سنة 1982.
  3. ^ أ ب ت الكرك. هيئة تنشيط السياحة، وزارة السياحة والآثار الأردنية. تاريخ الولوج: 17-10-2015. "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2017-08-04. اطلع عليه بتاريخ 2019-09-05.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
  4. ^ Palestine Exploration Fund Quarterly Report (1896). Page 328.
  5. ^ Palestine Exploration Fund Quarterly Report, (1896).
  6. ^ Kennedy (1994), pp. 5–6
  7. ^ الكرك.. تاريخ وحضارة * «قلعة الكرك» بناها الصليبيون لتكون نقطة اتصال استراتيجية بين قلعة الشوبك والقدس. جريدة الدستور. تاريخ النشر: 22-10-2010. تاريخ الولوج: 14-10-2015. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.