علي محمد عيسى

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
علي محمد عيسى

معلومات شخصية
بوابة الأدب

علي محمّد عيسى (1921 - 1999) هو أديبٌ وشاعرٌ مهجري.

حياته وسيرته

وُلِد الشاعرُ والأديب علي محمّد عيسى سنةَ 1921 ميلاديّة، في قرية عين بستان التابعة لناحية دريكيش بمحافظة طرطوس. درس اللغةَ العربية من آيات القرآن الكريم ومن الكتب كانت تُدرّس في المدارس الابتدائية والمتوسّطة في منطقته. وهو ينتمي إلى أسرة كانت تعمل في الفلاحة والزراعة، وتعيش على ما تجنيه من أرضها. وفي سنة 1949 م هاجر إلى الأرجنتين ملتحقًا بأشقائه الثلاثة الذين سبقوه إليها؛ حيث مارس العملَ بالتجارة. وعاد إلى بلاده بعدَ نحو عشرين عامًا، وذلك سنةَ 1969 م ليتزوّج من إحدى قريباته، ثم ذهبَ بعائلته إلى مهجره مرّةً أخرى واستقرّ في مدينة توكمان بالأرجنتين، وبقي فيها حتّى وفاته سنة 1999 م، حيث دُفنَ فيها.

شعره

نظم علي محمّد عيسى الشعرَ في سنّ مبكّرة، وكان قد حفظ الكثيرَ من أشعار العرب. وتجلّت هوايته في المطالعة وحفظ الشعر الموزون. ولديه الكثير من القصائد التي نشرتها مجلّات عصره في المهجر، مثل المواهب وصدى الشرق والأنباء. تميل قصائدُه إلى القِصَر، وتتفاوت ما بين الشكل التقريري المباشر والنمط الآخذ بقسطٍ من الشعريّة. وفضلًا عن نظمه الشعرَ الفصيح، فقد نظم عددًا من القصائد باللهجة العامّية مثل قصيدة بعنوان «أُغْنِية الأُمّ» جاء فيها:

إِنْ قُلْتُ: أُمّي، قُلْتُ: «بُوسَةْ»
قُلْتُ: ضَمَّة، قُلْتُ: روحْ
وإِنْ قُلْتُ: أُمّي، قُلْتُ: نُورٌ
أَمامَ عَيْنَيَّ يَلُوحْ
يا جَمالَ الصُّبْحِ، يا غُنْجَ الدَّلالْ
يا هُدوءَ القَلْب، يا دُنْيا الخَيالْ
يا وَرْدةَ البُسْتانِ، يا بَدْرَ الكَمالْ
يا نَغْمةً بالنَّفْس، ولِساني يَبُوحْ

لم يقتصر النتاجُ الأدبي للشاعر علي محمّد عيسى على الشعر، بل كانت له مقالاتٌ نثرية مختلفة ضمّتها صحف المهجر ومجلّاته. لقد اهتمّ الشاعر بآلام الإنسان، ووصف الطبيعة وبعض مفرداتها؛ وله في شكوى الدهر والحنين للوطن قسطٌ ونصيب. ولكنّه أكثرَ في شعره من قصائد المناسبات التي غلبت عليها الصفة التقريريّة والمباشرة، ففي قصيدة «شَرَعَ العَدْل» التي نظمها بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف يقول:

مَلَأَ الكَوْنَ سَلامًا وضِيَاءْ
مَوْلِدُ الهادِي إِمْامِ الأَنْبِيَاءْ
واسْتَضاءَتْ بِسَناهُ أَنْفُسٌ
أَظْلَمَتْها نَفَثاتُ الجُهَلاءْ
وعُقُولٌ جَمُدَتْ مِنْ قَبْلِهِ
اِسْتَنارَتْ بِتَعاليمِ السَّماءْ
ومَشَى العِلْمُ على النّاسِ كَما
يَتَخَطَّى النُّورُ أَجْواءَ الفَضاءْ
كُلُّ عِلْمٍ بَعْدَهُ مِنْ عِلْمِهِ
ولَوَ انْ كابَرَ أَهْلُ الكِبْرِيَاءْ
شَرَعَ العَدْلَ وساوَى النّاسَ في الْ
حُكْمِ، فالنّاسُ لَدَى الحَقِّ سَواءْ

كما اهتمّ الشاعر بقضايا أمّته، وعلى رأسها قضية فلسطين؛ فها هو يرى أنّ العيدَ الحقيقيّ لا يتحقّق إلا بتحريرها:

العِيدُ يَوْمَ تُحَقَّقُ الآمالُ
وتَزولُ عَنْ أَرْواحِنا الأَثْقالُ
وتَعُودُ أَرْضُ القُدْسِ خالِصًةً لَنا
وتُصَفِّقُ الأَزْمانُ والأَجْيَالُ
ونَكونُ أَحْرارًا بأَرْضِ جُدُودِنا
لا رِجْسَ يَزْحَمُنا، ولا أَنْذالُ

وللشاعر في مناسباتِ الرثاء جولات، فها هو ينعى في قصيدته «إيهِ سُلْطانَنا» سلطان باشا الأطرش، أحد القادة الوطنيين والمُجاهدين السوريين إبّانَ الاحتلال الفرنسي فيقول:

كَرِّمُوهُ فَكُلُّهُ إِيمانُ
وَحِّدُوهُ فَوَحْدَهُ السُّلْطانُ
كَمْ سَلاطينٍ لُقِّبتْ بالسَّلاطي
نِ، وأَلْقابُهُمْ بِها بُهْتانُ!
هُوَ سُلْطانُ كُلِّ قَوْلٍ وحَزْمٍ
هُوَ لِلْفَخْرِ والعُلى عُنْوانُ
كَمْ عَرَفْنا سُلْطانَ قَوْمٍ مُدِلًّا
بِعَلاءٍ، ومُلْكُهُ النِّسْوَانُ!

وفي قصيدة يرثي من خلالها أحدَ أصدقائه يقول:

نَظْرَةً واحِدةً أَرْجُو، فَهَلْ
أَمَلٌ لي؟ هَلْ تَراني؟ هَلْ لَكا؟
كَيْفَ أَسْلُو؟ كَيْفَ أَنْسَى ما مَضَى؟
كُلُّ ماضِينا بِنَفْسي مَسَكا
أَيْنَ سُوريَّا مِنَ المَهْجَرِ أو
نُضْرَةٌ بانَتْ، وعُمْرٌ نُهِكا
فَبُعادٌ وفَناءٌ ضَمَّني
مِثْلَ قَبْرٍ، وبُعادٌ ضَحِكا
سِرْ إلى الأُخْرَى هُناكَ المَلْتَقَى
سَوْفَ تَرْعاني، وهذا شَأْنُكا

ولكنّ نتاجَ علي محمّد عيسى لم يقتصر على المناسبات، فقد كانت تنتابه لحظاتٌ وجدانية من الشوق والحنين إلى وطنه، مثله مثل كثيرٍ من شعراء المهجر، فيقول:

وَطَنِي سألتُكَ بالدُّمُوعِ
بوَجيبِ خَفَّاقي الهَلُوعِ
بِشُرُودِ فِكْري في هَوا
ك، بِغُرْبَتي، بِجَوَى ضُلُوعي
وبِما نَثَرْتَ على الوَرَى
مِنْ عِلْمِكَ السّامِي البَديعِ
لا تَنْسَ طِفْلًا رَفَّ فَوْ
قَ ثَراكَ كالنَّجْمِ اللَّمُوعِ
أيَّامَ كُنْتَ تَزُقُّني
خَمْرَ المَحَبَّةِ كالرَّضِيعِ
فَرَقَصْتُ سَكْرانًا كما
رَقَصَتْ فَراشاتُ الرّبيعِ

وعندما يعلم الشاعر بأنّ أحدًا من أصدقائه عائدٌ أو زائر وطنَه، تستيقظ لديه لواعج الشوق والصبابة، فيوجّه تحيّته إلى أرضه وبلاده، ويتمنّى أن يكونَ مع العائدين:

أيُّها الذّاهِبُونَ لِلْوَطَنِ الغا
لي وَداعًا وقُبْلَةً رُوحِيّةْ
ما لَنا ما نَقُولُ في هذهِ اللَّحْ
ظَةِ إلّا يا لَيْتَ كُنّا سَوِيَّةْ
وإذا عَزَّ ذلكَ الأَمَلُ الحُلْ
وُ فَهِذي مِنّا إِلَيْكُمْ وَصِيَّةْ
بَلِّغُوا الشَّرْقَ والأَعارِبَ عَنّا
أَلْفَ شَوْقٍ، وأَلْفَ أَلْفِ تَحِيَّةْ

وللشاعر في التأمّل نصيب وسَهْم، ففي قصيدته «سنّةُ الله» يخاطب زهرة الفلّ مشيرًا إلى أنّ لها نهاية رغم جمالها، وأنّ ذلك هو مآل كلّ حيٍّ على هذه الأرض بعد أن تنقضي الغايةُ من وجوده:

زَهْرَةَ الفُلِّ ما وُجِدْتِ لِتَبْقَيْ
بَلْ لِيَمْضِي بِكِ الخَريفُ ويَذْهَبْ
سُنّةُ اللهِ في الخَلائِقِ تَجْري
ما لِشَيْءٍ مِنْ سُنَّةِ اللهِ مَهْرَبْ
نَحْنُ يا فُلُّ في الوُجُودِ لِأَمْرٍ
فازَ مِنّا مَنْ كانَ بالأَمْرِ أَنْجَبْ
عَطِّرِ الكَوْنَ ما تَشاءُ ودَعْني
أُطْرِبُ القَوْمَ بالنَّشيدِ المُهَذَّبْ

أخيرًا، نشير إلى أنّ شعرَ علي محمّد عيسى لم يُجمع رغم مضيّ سنين كثيرة على وفاته، فقام د. حسّان أحمد قمحية بلَمْلَمَة ما استطاع إليه سبيلًا من قصائد الشاعر،[1] متعقِّبًا بعض مجلّات المهجر الجنوبي التي كان ينشر فيها الشاعر مقالاتِه وقصائدَه، فأدركَ بعضَها، وانتزع منها تلك القصائد، فصدر الديوان سنة 2022م تحت اسم «ديوان الشاعر المهجري علي محمد عيسى».

المراجع

  1. ^ "من أدباء المهجر وشعرائه: علي محمّد عيسى". مؤرشف من الأصل في 2022-10-03. اطلع عليه بتاريخ 2022-10-03.

المراجع كاملةً

  • ديوان الشاعر المَهْجري علي محمّد عيسى، جمعه واعتنى به: د. حسّان أحمد قمحية، دار الحوار، اللاذقية، الطبعة الأولى، 2022م.
  • جريدة الأنباء المهجريّة، سان بولو، البرازيل، رئيس تحريرها الأديب والكاتب عبد اللطيف اليونس.
  • جريدة الوَطن، بوينس آيرِس، الأرجنتين، رئيس تحريرها الأديب والكاتب عبد اللطيف اليونس.
  • مجلّة المَواهِب المهجريّة، الأرجنتين، رئيس تحريرها الأديب والشاعر يوسف صارمي.